اليوم اليمن في امس الحاجة لتعزيز عملية بناء السلام بين كل أطيافه بعد ان ذقنا الأمرين من حروب ونزاعات على مر العشرين عام الماضية. غدا تُنظم مجموعة من نساء اليمن بقيادة الناشطة والباحثة سارة جمال، تنظم المجموعة وقفة رمزية نسوية تدعو الى السلام بمناسبة يوم المرأة العالمي. تقول سارة جمال: " نالت اليمن نصيبها من النزاعات المسلحة بين حرب 1994 و حروب صعدة الست و أرحب و الحصبة و أحداث سبتمبر 2011 و لم يتضرر قادة و تجار الحروب بل نحن من خسرنا أقواتنا و بيوتنا و أرواح من نحب، لذا هذه دعوة لنساء اليمن ان ينزلنّ معنا في الثامن من مارس أمام الجامع الكبير في قلب مدينتنا القديمة لنقول لليمنيين لن نرسل أبنائنا و أزواجنا و آباءنا للقتال، ونحن لها، نساء اليمن و سلامها!" (رابط الفعالية)
كفاية حروب ونزاعات .. يانساء اليمن اتحدن ضد الحروب والعنف! هذه فرصتنا لكي نثبت اننا جزء من سلام أرضنا. فالقضية لاتتعلق بالمرأة او الرجل فالمشكلة هي الإنسان. فلندع الصراعات والانقسامات على جنب ولنتعامل مع المستجدات بنظرة شمولية قوامها الإنسان بشقيه الرجل والمرأة.
غدا سيحتفل العالم بيوم المرأة العالمي وفي ذلك تنقسم الآراء مابين من هو مع و من هو ضد مطالب المساواة بين الجنسين في كافة مجالات الحياة. فهناك فئة تدعوا بإخلاص ودون ملل لنهوض بالنساء وتمكينهنّ حتى يصلنّ لمناصب القرار مثلهنّ مثل الرجال، وبالطبع لتحقيق ذلك يستلزم الخوض في عملية طويلة تتطلب معالجة عدد هائل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تواجه النساء بشكل خاص. وفي الكفة الأخرى الفئة التي تتعلل بأحكام دينية أو أسباب اجتماعية أو بيولوجية أو سياسية أو جميع ماذكر، تتعلل بتلك الأسباب لتبرر رفضها لمبدأ المساواة بين الجنسين. ربما الأمر أكثر تعقيدا من ذلك.
الأمر المثير للإهتمام
في مناصرة قضايا المرأة (أو مايعرف بالنسوية) هو أنه ليس بالضرورة ان المناصرين هنّ
من الإناث .. فليست كل امرأة هي نسوية وليست كل نسوية هي امرأة. هناك عدد من
الذكور المهتمين بقضايا المرأة بشكل متفاني وهناك نساء ترفضنّ مبدأ المساواة
والعكس صحيح. الأمر متشعب جداً ويدفع المرء الى البحث والتعمق فيه ودراسته لمحاولة
إدراك حيثيات هذه الحالة الاجتماعية.
د.رؤوفة حسن |
بالعودة ليوم المرأة
العالمي ورمزيته في الحث على تحقيق المساواة بين الجنسين أتذكر كيف بدأت قصتي مع
البحث في مبدأ المساواة. اتذكر اثناء مراهقتي كنت اشاهد على تلفاز بيتنا في صنعاء الرائدة
الأكاديمية المرحومة د.رؤوفة حسن عندما كانت تُجرى معاها لقاءات بخصوص قضايا اجتماعية.
كانت تُشدد دائماً على "تعزيز مفاهيم المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات
المتساوية وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص بين كل افراد المجتمع بغض النظر عن نوعهم
الاجتماعي..." وأمور شتى. كنت أقول في سري: "يالها من امرأة مذهلة ..
كانت تبهرني بمعرفتها الواسعة وطرحها الراقي جدا. وكنت أقراء في الصحف عن انجازات
المناضلة رضية شمشير أو عن ماما نجيبة حداد وعن الرائدة امة العليم السوسوه..
وعندما كبرت قليلاً وبدأت العمل كصحفية سنحت لي الفرصة لمقابلة عدد من تلك
الشخصيات اليمنية التي شكلت الحركة النسوية اليمنية في العصر الحديث أمثال المرحومة د. رؤوفة حسن التي
صاغت الكثير في نظرتي للأمور بشكل عام. والتقيت ايضا بالاستاذة أمل الباشا التي
اعتبرها اهم من عزز فهم النضال الحقوقي في وعيي.
مع الأستاذة أمل الباشا |
في ظل المشاكل المتفاقمة التي تعيشها اليمن لربما
قد تكون المطالبة بالمساواة في غير محلها في الوقت الحالي. لكن ماذا عن تحقيق مبدأ
المواطنة الكاملة؟ ألم تُنادي ثورة اليمن في 2011 بالمواطنة الكاملة؟ نعم، نادينا
بذلك وبدولة مدنية تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق
والواجبات لكل أفراده بغض النظر عن الفروق مهما كانت. ولكي نُحقق تلك المواطنة
الكاملة لابد من تحقيق المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، وكم أحوجنا الى ذلك لأنه
حتي اليوم لم يُسن قانون السن الآمن للزواج في اليمن للحد من زواج الصغيرات الذي يؤدي
الى حدوث وفيات كثيرة لفتيات صغار السن زوجن باكراً فمنهن من ماتت أثناء الولادة
أو المعاشرة الجنسية، بالإضافة الى ذلك فانه حتى اليوم لا تملك المرأة اليمنية
حقها في عقد قرانها أو الشهادة في عقد غيرها.
هناك الكثير أمامنا لكي نفعله في ذلك الصدد ولابد
من مواصلة مسيرة تلك الرائدات المناضلات اليمنيات الاتي افنين عمرهنّ لتعزيز مبادئ
المواطنة الكاملة والدفاع عن حقوق المرأة اليمنية. وان كانت الدعوة لتحقيق
المساواة بين الجنسين في اليمن في غير أوانها فمتى سيكون ذلك؟