Friday, June 17, 2011

تعقيباً على مقابلتي مع رويترز


أجرت وكالة رويترز مقابلة صحفية معي بتاريخ 14 يونيو وكنت اعتقد أنها ستكون لقاء صحفي مثل أي لقاء
قد أجريته من قبل ولكن كان رد فعل القراء على اللقاء مثير جدا للاهتمام. فقد تلقيت ردود أفعال سلبية وايجابية من دول مختلفة بالعالم، واليمن بالتحديد وقد صدمتني بعضها. وبناءا عليه تحتم علي أن أوضح عدة نقاط مهمة.

في البداية أحب أن أشير إلى إني اعتدت على إجراء لقاءات مع الصحافة الغربية عن اليمن وعني شخصيا كمدونة وصحفية يمنية. عادة اللقاء الواحد يستغرق حوالي 30 الى 45 دقيقة سواءا كان لقاء لصحيفة معينة او تلفزيون أو راديو وبعدها يتم أخذ فقط 6 دقائق أو يتم كتابة مقال قصير جدا من المقابلة كلها. الصحفيين الذين يلتقون بي يركزون فقط في اللقاء المنشور على النقطة أو الفقرة التي يريدون ان يركزوا عليها وحسب.

وإذا كان التركيز في المقال المنشور عن شخصي فقط فذلك لا يعني أنني لم اتحدث خلال اللقاء عن الوضع في اليمن ووضع حرية الصحافة مثلاً. وعادة أتحدث تقريبا عن كل ما يخص اليمن واليمنيين، لكن المسألة بالنهاية تعود للصحفي الذي أجرى اللقاء في أن يختار ما يريد للنشر ولا أستطيع أن أملي عليه كيف يجب أن تكون التصريحات المنشورة وماهيتها، وهو أمر معروف أن للصحفي الحق في ذلك بالطبع.

ثانياً، تلقيت رسائل وتعليقات بخصوص أنني بالغت في عرض قصتي بشأن طلب اللجوء للسويد والتهديدات التي تعرضت لها، وأود هنا أن أرد على تلك الاتهامات بأني دائما أذكر كيف وكم هي الانتهاكات القمعية والعنيفة ضد حرية الصحافة والصحفيين في اليمن. فليس لدينا في اليمن حرية كاملة للصحفيين لعرض أرائهم بمنتهى الحرية. صحيح أن هناك صحافة في اليمن و لكن حرية التعبير وحرية الصحافة تواجه قمع عنيف متى ما كان الصحفي ضد النظام ناقداً وصريحاً في مقالاته.

حينما أجري تلك اللقاءات، دائما أضع في الحسبان كل ما تعرض له الصحفيين العظماء في اليمن من انتهاكات وقمع للحريات في التعبير والصحافة. ولست مدعية حينما أقول أنني أذكر عادة في أحاديثي الصحفية عن الوضع في اليمن، أغلب الحوادث والانتهاكات التي واجهها الصحفيين اليمنيين مثل عبدالكريم الخيواني وسامية الأغبري والناشطين السياسيين مثل بشرى المقطري فضلاً عن الاعتداءات التي تطال صحف وصحافيو المعارضة وغيرها.

وما أريد أن أؤكده أنه ليس لدي أدنى رغبة في أن أتحدث عن نفسي، بل أعمل طوال الوقت في الحديث عن الصحافة اليمن بشكل عام، ورغم ذلك إلا أنني بالنهاية لا أمثل الصحافة اليمنية ولست في مقام نقابة الصحفيين للقيام بهذا التمثيل، وما أنا إلا صحفية يمنية مثلي مثل باقي الصحفيين اليمنيين، تلقيت نصيبي البسيط من القمع الذي يتلقاه الصحفيين باليمن خصوصاً متى ما كانوا ناقدين للنظام والفساد والظلم.

ثالثا، بشأن تقديم اللجوء.. فقد قدمت على اللجوء في السويد لأني أريد أن أعيش بطريقة قانونية أين ما كنت. وأنا لم أختر السويد وإنما السويد هي من اختارتني. قبل مجيئي إلى السويد كنت قد تلقيت رسائل تهديد وعندما وصلت للسويد للمشاركة في برنامج أعده المعهد السويدي استمرت التهديدات تصلني وأدركت انه من الخطر ان اعود لليمن في الوقت الراهن.

في ذلك الحين، وأثناء مشاركتي في البرنامج، كانت التهديدات قد بلغت مداها على ما يبدو، وهو ما حتم علي عدم العودة إلى اليمن. وقد كنت متأثرة جدا وحزينة جدا على الوضع في بلدي.

كنت أتلقى الأخبار من اليمن وكنت في أعيش قلقاً شديداً على الأهل والأصدقاء. غادرت اليمن والوضع كان لا يزال هادئا نسبيا، ولكن بعدها كان الوضع قد أصبح أشد خطورة، ودون مبالغة، مرت ليالٍ عديدة علي دون أن أذوق النوم. بل كنت أبكي أحياناً كالأطفال من شدة القلق على اليمن وأهلي وأصدقائي وكيف أنه فُرض علي عدم العودة.

ومع ذلك لا اعتقد أني قد أقدمت على خطوة خاطئة بطلبي اللجوء، وأعتقد أنني وكل يمني نستحق البقاء على قيد الحياة وأن نحافظ عليها قدر ما استطعنا.

وفي الأخير، أود أن أشير إلى أن وجودي في السويد لا يعني أني لا أريد العودة إلى اليمن، وكوني بعيدة اليمن، لا يعني أني سأقطع صلتي ببلدي، فطالما كنت أحب وطني وسأظل كذلك على الدوام.